[img]
[/img]
ممدوح طه
التاريخ: 11 يونيو 2011
ممدوح طه
العالم العربي من حول إسرائيل، وبإرادة الشعوب في التغيير نحو العدالة والحرية، وعلى غير إرادة أميركا، وبهبوب رياح التغيير العربية من تونس ومصر، وسقوط رؤوس نظامين تابعين خلال شهر واحد كانا رغم إرادة شعوبهما وكلاء خدمات المصالح الأميركية والمطامع الإسرائيلية، هو الآن يتغير.
والعالم الغربي تجاه تعنت إسرائيل وبتبديدها لفرص السلام بضغط وإرادة الرأي العام الأوروبي الذي أدهشته الثورة الشعبية التونسية والثورة الشعبية المصرية، والذي حركته رياح التغيير في إسبانيا واليونان، وبالتراجع الانتخابي في فرنسا وإيطاليا، بفارق نسبي عن الانحياز الأميركي، هو أيضا بدأ يتغير..
بينما إسرائيل، التي تزداد عزلتها باستمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية في عدوان الخامس من يونيو عام 67، ويتصاعد خوفها من التغيير وانقلاب المعادلات بتداعيات ذلك الحراك الشعبي العربي الذي عبر عن نفسه في شكل موجات بشرية أحاطت بفلسطين المحتلة محولة يوم «النكبة» إلى يوم «العودة»، ويوم «النكسة» إلى يوم «الانتفاضة» ويوم «القدس»، إسرائيل نتنياهو هذه لم تتغير!
وأميركا التي أدركت بمقاومة الشعوب العربية والإسلامية ضد الغزو والاحتلال التي لم تتوقف حتى اليوم رغم الإعلان عن بدء عملية الرحيل، أن العدوان العسكري مهما بلغت أسلحة القوة مغامرة خاسرة وأن الاحتلال مهما طال عليه الزمن مشروع فاشل محكوم عليه بالزوال في أفغانستان وفي العراق بما يجبرها على الانسحاب وإنهاء الاحتلال، أميركا تلك داعية الحرية مازالت منحازة ببرلمانها ضد الحرية، وبهذا فهي أيضا لم تتغير!
والحديث اليوم عن الخامس من يونيو عام 67 وما جرى فيه من عدوان إسرائيلي بتواطؤ أميركي، وما جري فيه من احتلال ما تبقى من فلسطين التاريخية وهي الضفة الغربية وفيها مدينة القدس التي كانت تحت الإدارة الأردنية، وقطاع غزة الذي كان تحت الإدارة المصرية، .
ومن احتلال الجولان السوري، وأجزاء من الجنوب اللبناني، إن كان له ما يبرره في الذكرى الرابعة والأربعين لهذا العدوان، فإنه يترافق أيضا مع السجال الذي دار مؤخرا في واشنطن بين الرئيس الأميركي أوباما والرئيس الصهيوني نتنياهو حول ضرورة العودة للتفاوض على إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو، وهو ما رفضه نتنياهو متحديا، .
وهو ما ابتلعه أوباما تحت ضغط اللوبي اليهودي والهوس البرلماني الأميركي تأييدا لجرائم العدوان والاحتلال الصهيوني ورفضا للشرعية الدولية في الانسحاب الإسرائيلي إلى حدود 67، وانقلابا على مبادئ الحرية والديمقراطية التي هي جوهرة القيم الأميركية!
ولعل ما قاله الرئيس الأميركي في خطابه من أن واشنطن باتت متوافقة مع إرادة الشعوب العربية في سعيها إلى الحرية واستعادة الكرامة وبناء الديمقراطية، .
وهو ما سيفرض على أميركا إعادة النظر بسياستها الشرق أوسطية، كان يمثل تحذيرا لإسرائيل بأن الوقت ليس في صالحها الآن، وعليها التعامل مع المتغيرات العربية الشعبية الجديدة وإلا أهدرت الفرصة، لحل الأزمة، خصوصا وان لأميركا مسؤوليات كبيرة في مناطق أخرى وليس الدفاع عن إسرائيل فقط.
وفيما يشير إلى تغير اتجاهات الرأي العام الغربي حذرت صحيفة «الفاينانشال تايمز» البريطانية، إسرائيل من خطورة امتداد الثورة المصرية وما حدث في ميدان التحرير بالقاهرة إلى إسرائيل، ولكن بأبطال فلسطينيين إذا استمر نتنياهو في تجاهل الواقع الجديد الذي أصبحت عليه المنطقة، .
وواصل تعنته من السلام مع الفلسطينيين، وإن موقف نتنياهو «المتعنت» من السلام مع الفلسطينيين، قد يفجر انتفاضة قوية في إسرائيل تعجز أمامها الآلة العسكرية الإسرائيلية في قمعها مثلما حدث في مصر..
موضحة أن العالم من حول نتنياهو قد تغير، بفعل الثورات العربية، بينما بقيت رؤاه على حالها، وأن إسرائيل خسرت بفعل هذه الثورات أهم صديقين في المنطقة، هما الرئيس المصري السابق حسني مبارك وتركيا.
خصوصا وصبر أوروبا بدأ ينفد، وكذلك صبر أوباما، وفيما يشبه الإنذار قالت الصحيفة: «إن أوروبا قد تصطف وراء الفلسطينيين حينما يعلنون دولتهم في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر القادم»..
ووضعت نتنياهو أمام خيارين أحلالهما مر، الأول، أنه لو حذا الفلسطينيون حذو المصريين في ميدان التحرير فلن تنفع قنابل الغاز المسيل للدموع، كما فشلت في ميدان التحرير، والثاني فهو أنه إذا «أصر على أن يستمر في العيش في الماضي فسوف يخسر كل أصدقائه في الشرق الأوسط»..
لم تكن الصحافة البريطانية هي وحدها التي أصابتها الثورات العربية بالتغيير في الخطاب والموقف من إسرائيل خصوصا مع جمود نتنياهو وعدم قابليته للفهم المتغيرات من حوله، بل لم تسلم الصحافة العبرية أيضا، .
ففي مقال نشرته صحيفة «إسرائيل اليوم» عقب عودة «بيبي» من واشنطن تساءلت الصحيفة قائلة بتهكم ساخر : إدعاء نتنياهو بأن العودة لحدود 67 يجعلها «غير قابلة للدفاع» فكيف إذن حصل من داخل تلك الحدود ضرب الجيش الإسرائيلي لجيوش الدول العربية في قتال استمر اقل من أسبوع؟
وتضيف: صحيح أن الانتصار في هذه الحرب كلف ثمنا؛ حياة 780 مقاتلا إسرائيليا سقط في المعركة، ولكن الاحتفاظ بحدود «قابلة للدفاع» كلف ثمنا أعلى بلا قياس .
حيث فُقد 911 جنديا في حرب الاستنزاف و2665 جنديا سقطوا في الدفاع عن الحدود القابلة للدفاع والتي أدت إلى تلك الحرب الرهيبة في اكتوبر73 التي نقلت موشي دايان وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق من الغرور إلى الارتعاد حين خيّل إليه أن هذه الحرب هي نهاية البيت الثالث.. «الهيكل»!
كاتب صحافي مصري
mamdoh77t@hotmail.com